تتفاخر بعض المجالس الجماعية بتحقيقها لفائض مالي سنوي مهم ، وتعتبر ذلك مؤشراً على نجاحها في التدبير المالي وترشيد النفقات، غير أن هذا الخطاب كثيراً ما يكون بعيداً عن واقع المواطن ومعاناته اليومية.
فالفائض، في جوهره، ليس إنجازاً بقدر ما هو أداة من أدوات التنمية، يُفترض أن يُستثمر لتحسين البنيات التحتية، والارتقاء بجودة الخدمات، وتلبية حاجيات الساكنة في مختلف المجالات.
إن جماعة أولاد تايمة، كمثال حي، تعرف اليوم مجموعة من مظاهر الخصاص في عدة قطاعات أساسية ، إلى جانب ضعف واضح في التواصل.
وأمام هذا الواقع، فإن الحديث المتكرر عن وجود فائض مالي دون أن يُترجم إلى مشاريع ملموسة تحسن ظروف عيش الساكنة، يبقى مجرد شعار للاستهلاك السياسي والإعلامي لا غير.
فما الجدوى من فائض مالي يُكدّس في الحسابات، بينما المواطن يعاني من أبسط الحقوق.
بل إن المجلس الذي يُغامر بالديون أو القروض لتنفيذ مشاريع تنموية ذات أثر مباشر على حياة المواطنين، يُعتبر أكثر جرأة ونجاحاً من مجلس يكتفي بتكديس الأموال دون رؤية أو خطة واضحة.
إن النجاح الحقيقي لأي مجلس جماعي لا يُقاس بحجم الفائض المالي، بل بحجم المشاريع المنجزة، وبمدى انعكاسها على كرامة ورفاهية المواطن.
فالفائض دون تنمية هو فشل في التخطيط والتدبير، وفقدان للبوصلة التنموية التي من أجلها وُجدت الجماعات الترابية.
وفي هذا السياق، أدعو بصفتي الأمين العام للمنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة إلى إعادة النظر في مفهوم “الفائض”، وربطه بمؤشرات التنمية المحلية لا بالأرقام الجافة في التقارير المالية، لأن المال العام وُجد لخدمة المواطن، لا لتزيين الخطابات السياسية.



تعليقات
0