كنال44|أخبار منوعة

مقال رأي: “بارد الكتاف!”: “الاحتلال غير المرئي ، عندما تتحول الأرصفة إلى ممتلكات خاصة !؟” 

FB_IMG_1754833421756

تتجلى في مجتمعاتنا اليوم ظاهرة مقلقة تتجاوز كونها مجرد تصرفات فردية، بل تعكس أزمة عميقة في الوعي القانوني والاجتماعي. تحت عنوان “بارد الكتاف”، نجد أنفسنا أمام مشهد يثير الاستياء والغضب، حيث يتحول الشارع العام إلى ملكية خاصة يتصرف فيها البعض كما يشاءون. إن هذه الظاهرة ليست سوى تجسيد لفوضى تعكس غياب القانون وغياب الرقابة، مما يتيح لأفراد أن يستغلوا الفضاءات العامة دون أي اعتبار لحقوق الآخرين.

 

فتتكرر الصورة: شاب أو رجل في منتصف العمر يقف وسط الشارع، يطلب “ثمن الركن” وكأنه يملك المكان. هذه التصرفات لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل أصبحت جزءًا من الثقافة الحضرية التي تسيطر على العديد من المدن. إن هؤلاء الأفراد، الذين لا يمتلكون أي ترخيص قانوني، يتصرفون وكأنهم أصحاب الحق في فرض الإتاوات على المواطنين والسياح على حد سواء، مما يخلق بيئة غير آمنة وغير مريحة للجميع.

 

إن تأثير هذه الظاهرة يتجاوز الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، ليصل إلى صورة البلاد في أعين الزوار. كيف يمكن أن نتوقع من السياح أن يشعروا بالراحة والأمان في بلد يروج لجاذبيته وانفتاحه، بينما يستقبلون بمواقف تفرض عليهم دفع ثمن غير مبرر؟ إن هذه الصورة السلبية تؤثر على سمعة البلاد وتقلل من فرص جذب السياح.

 

المطلوب اليوم ليس مجرد حلول آنية من قبل السلطات المحلية، بل يتوجب علينا تبني مقاربة شاملة تعالج جذور المشكلة. يجب أن تكون هناك استراتيجيات واضحة لتأطير من يستحق التأطير، وضمان تطبيق القانون بصرامة على المخالفين. إن تعزيز الوعي بأهمية الفضاء العام وضرورة الحفاظ عليه كملك مشترك يتطلب جهودًا جماعية من جميع الأطراف المعنية.

 

إن الفضاء العام هو جزء لا يتجزأ من الهوية الحضرية لكل مدينة، ويجب أن يُستخدم بشكل يحترم حقوق الجميع. لذا، فإن مواجهة ظاهرة “بارد الكتاف” تتطلب إرادة قوية من المجتمع والسلطات لتفكيك منظومة الصمت التي تسمح لهؤلاء بأن يصبحوا “أسياد الزنقة” بلا وجه حق.

 

فإن غياب القانون سيظل يؤثر سلبًا على كل من المواطن والسائح، اللذين يدفعان ثمن فوضى لا يعرفان مصدرها. لذا، يجب أن نتحد جميعًا لاستعادة الفضاء العام كملكية مشتركة، لنضمن بيئة حضرية آمنة ومريحة للجميع.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي كنال 44